كلمة رئيس الجامعة بمناسبة العام الهجري الجديد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً يليق بقدره عظمةً وشكرا، ويسبح بنعمه عداً وذكرا.
ثم الصلاة على نبي الرحمة والسلام، الذي أرسى بهجرته أخوةَ محبةٍ ووئام.
هاقد غادَرَنَا عاماً من العمر تقضَّى وانصرم، وجاد فيه الله بالفضل والنعم، وأغدق من فيضه بالخير والكرم.
عام انقضى بذكرى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة، وعام أقبل بذكرى هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وشتان شتان بين المعنيين، الأول رحيل من تعنت الأهل والعشير، والثاني رحيل إلى السند والنصير.
نعم لقد كان رحيلاً من بناء الأفراد، إلى بناء الدولة والأمجاد.
{{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}}
واليوم وبعد مرور (1444) عاما، أصبح أحفاد صاحب الهجرة صلى الله عليه وسلم أنصارا، وجنودهم بين الدول أفاضلَ وأخيارا، وما ذلك إلا بنفوس مخلصة في العطاء والبناء، وأرواحٍ رخيصة في التضحية والوفاء ، فهكذا تُشَيَّدُ الأوطان، وهكذا يتراكم البنيان، ولنا في النبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، خير قدوة والتزام.
لقد أصبح أردن الهواشم ملاذ الإخوة والمكلومين، وملجأ الضعفاء والمظلومين، وحصن الأطفال والمضطهدين، وما ذلك إلا بأصالة القرار الهاشمي، وشهامة المواطن الاردني، وبدعم وعزيمة الجيش المصطفوي، جيش النشامة والرجال، وكواكب الشهداء الأبطال.
فبدروس الهجرة تعاقبت علينا الهجرات والاستضافات، وتقضَّت بها الدهور والسنوات، وما زال البيت مشرعا، والكرم حاضرا، والخبز مقتسما، مافرَّقنا يوماً بين هوية وهوية، ولا بين أسرة وذُريِّة.
فمما قدمه الأنصار يوم الهجرة، جاد به الأردنيون اليوم أخوةً ونصرة.
فهذه مدرسة محمدٍ صلى الله عليه وسلم وآل بيته الأطهار، وهذه موائد الأردنيين الأخيار.
وإن في الهجرة النبوية لدروس وعبر، وأحكام ونظر، فالهجرة لم تكن هروباً من جحيم، ولا ضعفاً أو انكساراً في صميم، بل كانت رحيلاً لبناء، وانتقالاً لتطورٍ وارتقاء، حتى نشأت دولةُ عدلٍ ونظام، وتأسست بأركانها دساتيرٌ وأحكام، وانتشرت بعلومها مدارسٌ وأعلام.
هذه الهجرة في دروسها وعبرها، تتجدد معانيها بتجدد خبرها، وتتلون أمانيها بتلمُّس أثرها، فالكيِّس من تبصر واعتبر، واستنار من خبرها وادكر.
وبهذه المناسبة..
فإنه ليسرني ويشرفني، بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن أسرة الجامعة من أكاديميين وإداريين وطلبة، أن أرفع لسيدي صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم وولي عهده الأمين، أسمى آيات التهنئة والتبريكات، وأعمق مشاعر الولاء والانتماء، متمنياً لجلالته ولولي عهده المحبوب، ولأردننا المبارك، وللأمة العربية والإسلامية، دوام العز والمنعة والتقدم والازدهار، وكل عام وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.